غالب الأمر سنة، وجرت منه سبحانه في عبادة ليميز الخبيث من الطيب، وهو المنزه عن الافتقار إلى تعرف أحوال العباد بما يبتليهم به إذ قد علم كون ذلك منهم قبل كونه إذ هو موجده وخالقه خيراً كان أو شراً، فكيف يغيب عنه أو يفتقر تعالى إلى بيانه بتعرف أحوال العباد أو يتوقف علمه على سبب
﴿ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير﴾ [الملك: ١٤] ولكن هي سنة في عباده ليظهر لبعضهم من بعض عند الفتنة والابتلاء ما لم يكن ليظهر قبل ذلك حتى يشهدوا على أنفسهم، وتقوم الحجة عليهم باعترافهم، ولا افتقار به تعالى إلى شيء من ذلك، فلما تضمنت سورة القصص هذا الابتلاء في الخير والشر، وبه وقه افتتاحها واختتامها، هذا وقد أنجز بحكم الإشارة أولاً خروج نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بلده ومنشأه ليأخذه عليه الصلاة ولاسلام بأوفر حظ مما ابتلي به الرسل والأنبياء من مفارقة الوطن وما يحرز لهم الأجر المناسب لعليّ درجاتهم عليهم السلام، ثم بشارته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخراً بالعودة والظفر ﴿إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد﴾ [القصص: ٨٥] فأعقب سبحانه هذا بقوله معلماً للعباد ومنبهاً أنها سنته فيهم فقال ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون﴾ أي أحسبوا أن يقع