الاكتفاء بمجرد استجابتهم، وظاهر إنابتهم، ولما يقع امتحانهم بالشدائد والمشقات، وضروب الاختبارات ﴿ولنبلونكم بشيء من الجوع والخوف ونقص من الأموال والأنفس والثمرات﴾ [البقرة: ١٥٥] فإذا وقع الابتلاء فمن فريق يتلقون ذلك تلقي العليم أن ذلك من عند الله ابتلاء واختباراً، فيكون تسخيراً لهم وتخليصاً، ومن فريق يقابلون ذلك بمرضاة الشيطان، والمسارعة إلى الكفر والخذلان ﴿ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه﴾ ثم أتبع سبحانه هذا بذكر حال بعض الناس ممن يدعي الإيمان، فإذا أصابه أدنى أذى من الكفار صرفه ذلك عن إيمانه، فكان عنده مقاوماً بعذاب الله الصارف لمن ضربه عن الكفر والمخالفة فقال تعالى ﴿ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله﴾ فكيف حال هؤلاء في تلقي ما هو أعظم من الفتنة، وأشد في المحنة، ثم أتبع سبحانه ذلك بما به يتأسى الموفق من صبر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وطول مكايدتهم من قومهم، فذكر نوحاً وإبراهيم ولوطاً وشعيباً عليهم الصلاة والسلام، وخص هؤلاء بالذكر لأنهم من أعظم الرسل مكابدة وأشدهم ابتلاء، أما نوح عليه السلام فلبث في قومه - كما أخبر الله تعالى - ألف سنة إلا خمسين عاماً وما آمن