في القلب ما ليس للأفعال قال: ﴿وليسألن﴾ أي من كل من أمره المولى بسؤالهم ﴿يوم القيامة﴾ أي الذي هم به مكذبون، وله مستهينون والتأكيد إما لإنكارهم ذلك اليوم، أو لظن أن العالم لا يسأل عما يعلمه، ﴿عما كانوا﴾ أي بغاية الرغبة ﴿يفترون*﴾ أي يتعمدون كذبه، ويُعملون أفكارهم في ارتكابه ويواظبون عليه، والتعبير بصيغة الافتعال يدل على أنهم كانوا يعلمون صدق الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويتعمدون الكذب في وعدهم لمن غروه.
ولما كان السياق للبلاء والامتحان، والصبر على الهوان، وإثبات علم الله وقدرته على إنجاء الطائع وتعذيب العاصي، ذكر من الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام من طال صبره على البلاء، ولم يفتر عزمه عن نصيحة العباد على ما يعاملونه به من الأذى، تسلية لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولتابعيه رضي الله تعالى عنهم وتثبيتاً لهم وتهديداً لقريش، فقال عاطفاً على ﴿ولقد فتنا الذين من قبلهم﴾ ما هو كالشرح له، وله نظر عظيم إلى ﴿ولقد وصلنا لهم القول﴾ [القصص: ٥١] وأكده دفعاً لوهم من يقول: إن القدرة على التصرف في القلوب مغنية عن الرسالة في دار التسبب: ﴿ولقد أرسلنا﴾ أي على ما لنا من العظمة المغنية عن الرسالة إجراء للأمور على ما تقتضيه هذه الدار من حكمة التسبيب