ولما تسبب عن ذلك استحقاقه لما يزيل نخوته وكبره وعظمته، وكان استمرار الألم أعظم كاسرٍ لذوي الشمم، وكان من طبع الإنسان الاهتزاز لوعد الإحسان كائناً من كان نوع اهتزاز قال: ﴿فبشره﴾ فلما كان جديراً بأن يقبل - لا يولّي لظنه البشري - على حقيقتها لأن من يعلم أنه أهل للعذاب بأفعاله الصعاب لا يزال يتوالى عليه النعم مرة بعد مرة حتى يظن أو يكاد يقطع بأن المعاصي سبب لذلك وأنه - لما كان عند الله من عظيم المنزلة - لا يكره منه عمل من الأعمال، قرعة بقوله: ﴿بعذاب﴾ أي عقاب مستمر ﴿أليم *﴾.
ولما كانت معرفة ما لأحد الجزءين باعثة على السؤال عما للحزب الآخر، وكانت إجابة السؤال عن ذلك من أتم الحكمة، استأنف تعالى قوله مؤكداً لأجل إنكار الكفرة: ﴿إن الذين آمنوا﴾ أو اوجدوا الإيمان ﴿وعملوا﴾ أي تصديقاً له ﴿الصالحات﴾ وضعاً للشيء في محله عملاً بالحكمة ﴿لهم جنات﴾ أي بساتين ﴿النعيم﴾ فأفاد سبحانه بإضافتها إليه أنه لا كدر فيها أصلاً ولا شيء غير النعيم. ولما كان ذلك قد لا يكون دائماً. وكان لا سرور بشيء منقطع قال: ﴿خالدين فيها﴾ أي دائماً.
ولما كانت الثقة بالوعد على قدر الثقة بالواعد، وكان إنجاز الوعد


الصفحة التالية
Icon