أي بما أباح لكم من الاستمتاع بهن من جهة الزوجية؛ ثم أشار إلى الجهة الأخرى بقوله: ﴿اللائي تظاهرون منهن﴾ أي كما يقول الإنسان للواحدة منهن: أنت عليّ كظهر أمي ﴿أمهاتكم﴾ بما حرم عليكم من الاستمتاع بهن حتى تجعلوا ذلك على التأييد وترتبوا على ذلك أحكام الأمهات كلها، لأنه لا يكون لرجل أمان، ولو جعل ذلك لضاق الأمر، واتسع الخرق، وامتنع الرتق ﴿وما جعل أدعياءكم﴾ بما جعل لهم من النسبة والانتساب إلى غيركم ﴿أبناءكم﴾ بما جعلتم لهم من الانتساب إليكم ليحل لهم إرثكم، وتحرم عليكم حلائلهم وغير ذلك من أحكام الأبناء، ولا يكون لابن أبوان، ولو جعل ذلك لضاعت الأنساب، وعم الارتياب، وانقلب كثير من الحقائق أيّ انقلاب، فانفتح بذلك من الفساد أبواب أيّ أبواب، فليس زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي الذي تبنيته ابناً لك أيها النبي بتبنيك له جزاء له باختياره لك على أبيه وأهله، وهذا توطئة لما يأتي من قصة زواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لزينب بنت جحش مطلقة زيد مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما تزوجها قال المنافقون كما حكاه البغوي وغيره: تزوج محمد امرأة ابنه وهو ينهى الناس عن ذلك، فأنزل الله هذه الآية، وبين أن التبني إنما هو مجاز، وأن المحرم إنما هو زوجة الابن الحقيقي وما ألحق به من الرضاع، وذلك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان تبنى زيداً بن حارثة رضي الله عنه مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


الصفحة التالية
Icon