عن مطابقة الاعتقاد أو خالفه فعل الجوارح لم يكن حمداً حقيقة، بل استهزاء وسخرية، ومطابقة الجنان والأركان شرط في الحمد لا شطر، فلا يتداخل التعريفان، ولا يخرج بالاختيار صفات الله القديمة، فإنها من حيث قدرته على تعليقها بالأشياء تكون داخلة فيكون الحمد على الوصف الاختياري، وكذا إذا مدح الشجاع بشجاعته والقدرة على تعليق الوصف بما يتحقق به كانت الشجاعة خاصة لم يكن هناك محمود عليه، فقد علم من هذا أنه إذا كان هناك اختيار في الآثار كان الحمد عليه وإلا فلا، فلا يسمى وصف اللؤلؤة بصفاء الجوهر وبهجة المنظر حمداً بل مدحاً، ويسمى الوصف بالشجاعة للاختيار في إظهار آثارها حمداً، فاختص الحمد بالفاعل المختار دون المدح، وعلم أيضاً أن القول المخصوص وهو «الحمد لله» ليس حمداً لخصوصه، بل لأند دال على صفة الكمال ومظهر لها، فيشاركه في التسمية كل ما دل على ذلك من الوصف، ولذلك قال بعض المحققين من الصوفية: حقيقة الحمد إظهار الصفات الكمالية، وذلك قد يكون بالقول كما عرف، وقد يكون بالفعل وهو أقوى، لأن الأفعال التي هي آثار الأوصاف تدل عليها دلالة عقلية قطعية، لا يتصور فيها خلف بخلاف الأقوال، فإن دلالتها عليها وضعية، وقد يتخلف عنها مدلولها، وقد حمد الله تعالى نفسه بما يقطع به من