هنا بخلاف ما يصحب لام التعريف فإنها لفتحها تلبس بالخبر: ﴿افترى﴾ أي تعمد ﴿على الله﴾ أي الذي لا أعظم منه ﴿كذباً﴾ بالإخبار بخلاف الواقع وهو عاقل يصح منه القصد. ولما كان يلزم من التعمد العقل، قالوا: ﴿أم به جنة﴾ أي جنون، فهو يقول الكذب، وهو ما لا حقيقة له من غير تعمد، لأنه ليس من أهل القصد، فالآية من الاحتباك: ذكر الافتراء أولاً يدل على ضده ثانياً، وذكر الجنون ثانياً يدل على ذكر ضده أولاً.
ولما كان الجواب: ليس به شيء من ذلك، عطف عليه مخبراً عن بعض الذين كفروا بما يوجب ردع البعض الآخر قوله: ﴿بل الذين لا يؤمنون﴾ أي لا يجددون الإيمان لأنهم طبعوا على الكفر ﴿بالآخرة﴾ أي الفطرة الآخرة التي أدل شيء عليها الفطرة الأولى.
ولما كان هذا القول مسبباً عن ضلالهم، وكان ضلالهم سبباً لعذابهم، قدم العذاب لأنه المحط وليرتدع من أراد الله إيمانه فقال: ﴿في العذاب﴾ أي في الدنيا بمحاولة إبطال ما أراد الله إتمامه، وفي الآخرة لما فيه من المعصية، وأتبعه سببه فقال: ﴿والضلال﴾ أي عما يلزم من وجوب وحدانيته وشمول قدرته بسبب أن له ما في السماوات وما في الأرض.
ولما كان قولهم بعيداً من الحق لوصفهم أهدى الناس بالضلال،


الصفحة التالية
Icon