على البعث بكمال التصرف في الخافقين وما فيهما بأمور شوهدت لبعض عبيدة تارة بالعيان وتارة بالآذان، أما عند أهل الكتاب فواضح، وأما عند العرب فبتمكينهم من سؤالهم فقد كانوا يسألونهم عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال أبو حيان: إن بعض ذلك طفحت به أخبارهم ونطقت به أشعارهم، فقال تعالى مقسماً تنبيهاً على أن إنكارهم للبعث إنكار لما يخبر به من المعجزات، عاطفاً على ما تقديره: فلقد آتينا هذا الرجل الذي نسبتموه إلى الكذب أو الجنون منا فضلاً بهذه الأخبار المدلول عليها بمعجز القرآن فيا بعد ما بينه ما نسبتموه إليه: ﴿ولقد﴾ أي وعزتنا وما ثبت لنا من الإحاطة بصفات الكمال بالاتصاف بالحمد لقد ﴿آتينا﴾ أي أعطينا إعطاء عظيماً دالاً على نهاية المكنة بما لنا من العظمة ﴿داود﴾.
ولما كان المؤتى قد تكون واسطة لمن منه الإيتاء، بين أن الأمر ليس إلا منه فقال: ﴿منا فضلاً﴾ ودل على أن التنوين للتعظيم وأنه لا يتوقف تكوين شيء على غير إرادته بقوله، منزلاً الجبال منزلة العقلاء الذين يبادرون إلى امتثال أوامره، تنبيهاً على كمال قدرته وبديع تصرفه في الأشياء كلها جواباً لمن كأنه قال: ما ذلك الفضل؟ مبدلاً


الصفحة التالية
Icon