ذلك بقوله: ﴿بلدة طيبة﴾ أي كريمة التربة حسنة الهواء سليمة من الهوام والمضمار لا يحتاج ساكنها إلى ما يتبعه فيعوقه عن الشكر، قال ابن زيد: لا يوجد فيها برغوث ولا بعوض ولا عقرب ولا حية، ولا تقمل ثيابهم، ولا تعيا دوابهم. وأشار إلى أنه لا يقدر أحد على أن يقدره حق قدره بقوله: ﴿ورب غفور *﴾ أي لذنب من شكره وتقصيره بمحو عين ما قصر فيه وأثره فلا يعاقب عليه ولا يعاتب، ولولا ذلك ما أنعم عليكم بما أنتم فيه ولأهلككم بذنوبكم، وأخبرني بعض أهل اليمن أنها اليوم مفازة قرب صنعاء اليمن - قال: في بعضها عنب يعمل منه زبيب كبار جداً في مقدار در - تلي بلاد الشام، وهو في غاية الصفاء كأنه قطع المصطكا وليس له نوى أصلاً.
ولما تسبب عن هذا الإنعام بطرهم الموجب لإعراضهم عن الشكر، دل على ذلك بقوله: ﴿فأعرضوا﴾ ولما تسبب عن إعراضهم مقتهم، بينه بقوله: ﴿فأرسلنا﴾ ودل على أنه إرسال عذاب بعد مظهر العظمة بأداة الاستعلاء فقال: ﴿عليهم سيل العرم﴾ أي سيح المطر الغالب المؤذي الشديد الكثير الحاد الفعل المتناهي في الأذى الذي لا يرده شيء ولا تمنعه حيلة بسد ولا غيره من العرامة، وهي الشدة والقوة، فأفسد عليهم جميع ما ينتفعون به، قال أبو حيان: سلط الله عليهم الجرذ


الصفحة التالية
Icon