واتصال من التوفيق وطيب من القلب ومساعدة من الوقت فيرتكب زلة أو يسيء أدباً أو يتبع شهوة، ولا يعرف قدر ما هو فيه فيغير عليه الحال، فلا وقت ولا حال، ولا طرب ولا وصال، يظلم عليه النهار، وكانت لياليه مضيئة ببدائع الأنوار.
ولما أتم الخبر عن الجنان التي بها القوام نعمة ونقمة، أتبعه مواضعه السكان فقال: ﴿وجعلنا﴾ أي بما لنا من العظمة، ونبه بنزع الجار على عمارة جميع تلك الأراضي بالبناء والانتفاع فقال: ﴿بينهم﴾ أي بين قرى أهل سبأ ﴿وبين القرى﴾ اي مدناً كانت أو دونها ﴿التي باركنا﴾ أي بركة اعتنينا بها اعتناء من يناظر آخر بغاية العظمة ﴿فيها﴾ أي بأن جعلناها محال العلم والرزق بالأنبياء وأصفياء الأولياء وهي بلاد الشام ﴿قرى ظاهرة﴾ أي من أرض الشام في أشراف الأرض وما صلب منها وعلا، لأن البناء فيها أثبت، والمشي بها أسهل، والابتهاج برؤية جميع الجنان وما فيها من النضرة منها أمكن. فهي ظاهرة للعيون بين تلك الجنان، كأنها الكواكب الحسان، مع تقاربها بحيث يرى بعضها من بعض وكثرة المال بها والمفاخر والنفع والمعونة للمارة؛ قال البغوي: كانت أربعة آلاف وسبعمائة قرية متصلة من سبأ


الصفحة التالية
Icon