من له نوع من العقل، ففي هذا حث على النظر الذي كانوا يأبونه بقوله:
﴿قلوبنا في أكنة﴾ [فصلت: ٥] ونحوه في الأدلة التي يتميز بها الحق من الباطل على أحسن وجه بأنصف دعاء وألطف نداء حيث شرك الداعي نفسه معهم فيما دعاهم إلى النظر فيه، فالمعنى أنه يتعين على كل منا - إذا كان على إحدى الطريقين مبهمة - أن ينظر في أمر ليسلم فإن الأمر في غاية الوضوح مع أن الضال في نهاية الخطر، ولقد كان الفضلاء من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وذوو الأحلام والنهى منهم يقولون ذلك بعد الإسلام كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص، وناهيك بهما جلالاً، ونباهة وذكاء وكمالاً، قالوا: والله كنا نعجب غاية العجب ممن يدخل في الإسلام واليوم نحن نعجب غاية العجب ممن يتوقف عنه.
ولما كانوا بين أمرين: إما أن يسكتوا فيعلم كل سامع أن الحجة لزمتهم، وإما أن يقولوا بوقاحة ومكابرة: أنتم في الضلال ونحن على الهدى، وكان الضال لا يزال يقطع ما ينبغي وصله بوصل ما يجب قطعه،


الصفحة التالية
Icon