الكمال إعداماً وإيجاداً ﴿لله﴾ أي وحده.
ولما كان الإيجاد من العدم أدل على ذلك، قال دالاً على استحقاقه للمحامد: ﴿فاطر﴾ أي مبتدئ ومبتدع ﴿السماوات والأرض﴾ أي المتقدم أن له ما فيهما بأن شق العدم بإخراجهما منه ابتداء على غير مثال سبق كما تشاهدون ولما كانت الملائكة إفرداً وجمعاً مثل الخافقين في أن كلاًّ منهم مبدع من العدم على غير مثال سبق من غير مادة، وكان قد تقدم أنهم يتبرؤون من عبادة الكفرة يوم القيامة، وكان لا طريق لعامة الناس إلى معرفتهم إلا الخبر، أخبر عنهم بعد ما أخبر عما طريقه المشاهدة بما هو الحق من شأنهم، فقال مبيناً بتفاوتهم في الهيئات تمام قدرته وأنها بالاختيار: ﴿جاعل الملائكة رسلاً﴾ أي لما شاء من مراده وإلى ما شاء من عباده ظاهرين للأنبياء منهم ومن لحق بهم وغير ظاهرين ﴿أولي أجنحة﴾ أي تهيؤهم لما يراد منهم؛ ثم وصف فيه إلى أكثر من ذلك، ولعل ذكره للتنبيه على أن ذلك أقل ما يكون بمنزلة اليدين. ولما كان ذلك زوجاً نبه على أنه لا يتقيد بالزوج فقال: ﴿وثلاث﴾ أي ثلاثة ثلاثة لآخرين منهم. ولما كان لو اقتصر على ذلك لظن الحصر فيه، نبه