﴿ولا يرضة لعباده الكفر﴾ فبين أن من اصطفاه وقربه واجتباه من العباد لا يرضى له بالكفر، وحصل من ذلك مفهوم الكلام أن الواقع من الكفر إنما وقع بإرادته ورضاه لمن ابتلاه به ثم أنس من آمن ولم يتبع سبيل الشيطان وقبيلته من المشار إليهم في السورة قبل فقال تعالى ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾
﴿إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم﴾ [الأسراء: ٧] ﴿ولا تكسب كل نفس إلا عليها﴾ ثم تناسجت الآي والتحمت الجمل إلى خاتمة السورة - انتهى.
ولما أخبر أنه من عنده، علل ذلك بما ثبت به جميع ما مضى من الخير، فقال صارفاً القول عن الغيبة منبهاً على زيادة عظمته بذكر إنزاله ثانياً، مبرزاً له في أسلوب العظمة مختبراً أنه خص به أعظم خلقه، معبراً بالإنزال الظاهر في الكل تجوزاً عن الحكم الجازم الذي لا مرد له: ﴿إنا﴾ أي على ما لنا من العظمة ﴿أنزلنا﴾ أي بما لنا من العظمة، وقرن هذه العظمة بحرف الغاية المقتضي للواسطة إشارة إلى أن هذا كان في البداية بدلالة اتباعه بالأمر بالعبادة، بخلاف ما يأتي في هذه السورة فإنه للنهاية بصيرورته خلقاً له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان بحرف الاستعلاء أنسب دلالة على أن ثقله الموجب لتفطر القدم وسبب اللمم خاص به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن قرب منه