﴿ربهم﴾ أي المربي لهم والمحسن إليهم لاهتزاز قلوبهم، روى الطبراني عن العباس رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت خطاياه»، وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه مر برجل من أهل العراق ساقط، قال: فما بال هذا؟ قال: إنه إذا قرئ عليه القرآن وسمع ذكر الله سقط، قال ابن عمر رضي الله عنهما: إنا لنخشى الله وما نسقط وإن الشيطان ليدخل في جوف أحدهم، ما كان هذا صنيع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ﴿ثم تلين﴾ أي تمتد وتنعم، وقدم ما صرح فيه بالاقشعرار الذي يلزمه اليبس، وأخر القلوب إبعاداً لها عما قد يفهم يبساً فيوهم قسوة فقال: ﴿جلودهم﴾ لتراجعهم بعد برهة إلى الرجاء وإن اشتدت صلابتها ﴿وقلوبهم﴾ وذكره لتجدد لين القلوب مع الجلود دال على تقدير اقشعرارها معها من شدة الخشية فإن الخشية لا تكون إلا في القلب، وكان سر حذف التصريح بذلك تنزيههاً عن ذكر ما قد يفهم القسوة.
ولما كان القلب شديد الاضطراب والتقلب، دل على حفظه له بنافذ أمره وباهر عظمته بالتعدية ب «إلى» ليكون المعنى: ساكنة مطمئنة


الصفحة التالية
Icon