ولما أتم الإنكار على من سوى، بين من شرح صدره ومن ضيق، وما تبعه وختم بأن الأول مهتد، والثاني ضال، شرع في بيان ما لكل منهما نشراً مشوشاً في أسلوب الإنكار أيضاً، فقال مشيراً إلى أن الضلال سبب العذاب، والهدى سبب النعيم، وحذف هنا المنعم الذي سبب له النعيم لين قلبه كما حذف القاسي القلب في آية الشرح الذي سببت له قسوته العذاب، لتتقابل الآيتان، وتتعادل العبارتان: ﴿أفمن﴾ وأفرد على لفظ ﴿من﴾ لئلا يظن أن الوجوه الأكابر فقال: ﴿يتقي﴾ ودل على أن يده التي جرت العادة بأنه يتقي بها المخاوف مغلولة بقوله: ﴿بوجهه﴾ الذي كان يقيه المخاوف ويحميه منها بجعله وهو أشرف أعضائه وقاية يقي به غيره من بدنه ﴿سوء العذاب﴾ أي شدته ومكروهه لأنه تابع نفسه على هواها حتى قسا قلبه وفسد لبه ﴿يوم القيامة﴾ لأنه يرمي به في النار منكوساً وهو مكبل، لا شيء له من أعضائه مطلق يرد به عن وجهه في عنقه صخرة من الكبريت مثل الجبل العظيم، ويسحب في النار على وجهه، كمن أمن العذاب فهو يتلقى النعيم بقلبه وقالبه.
ولما كان مطلق التوبيخ والتقريع متكئاً، بني للمفعول قوله: ﴿وقيل﴾ له - هكذا كان الأصل، ولكنه أظهر تعميماً وتعليقاً للحكم به وجمع تنبيهاً على أن كثرتهم لم تغن عنهم شيئاً