فكل تقصير به مضر وكل إفراط به مفسد.
ولما كانت عادتهم دوام الاحتياط في كل بشارة ونذارة بأمر دنيوي، سبب عن هذا مخالفتهم لعادتهم في ترك الحزم بالجزم بالإعراض فقال: (فأعرض أكثرهم) أي عن تجويز شيء من بشائره أو نذائره) فهم (لذلك) لا يسمعون) أي يفعلون فعل من لا يسمع فهم لا يقبلون شيئاً مما دعا إليه وحث عليه.
ولما أخبر عن إعراضهم، أخبر عن مباعدتهم فيه فقال: (وقالوا) أي عند إعراضهم ممثلين لمباعدتهم في عدم قبولهم: (قلوبنا في أكنَّة) أي أغشية محيطة بها، ولما كان السياق في الكهف للعظمة كان الأنسب له أداة الاستعلاء فقال) إنا جعلنا على قلوبهم أكنة (وعبروا هنا بالظرف إبعاداً لأن يسمعوا) مما) أي مبتدئة تلك الأغشية وناشئة من الأمر الذي) تدعونا (أيها المخبر بأنه نبي) إليه (فلا سبيل له إلى الوصول إليها لنفيه أصلاً.
ولما كان القلب أفهم لما يرد إليه من جهة السمع قالوا: (وفي آذاننا (التي هي أحد الطرق الموصلة إلى القلوب) وقر) أي ثقل قد أصمها عن سماعه) ومن بيننا وبينك) أي


الصفحة التالية
Icon