في الظرف ﴿قالوا﴾ أي المشركون: ﴿آذنّاك﴾ أي اعلمناك سابقاً بألسنة أحوالنا والآن بألسنة مقالنا، وفي كلتا الحالتين أنت سامع لذلك لأنك سامع لكل ما يمكن أن يسمع وإن لم يسمعه غيرك، ولذا عبروا بما منه الإذن ﴿ما منا﴾ وأكدوا النفي بإدخال الحار في المبتدأ المؤخر فقالوا: ﴿من شهيد *﴾ أي حي دائماً حاضر دون غيبة، مطلع على ما يريد من غير خفاء بحيث لا يغيب عن علمه شيء فيخبر بما يخبر به على سبيل القطع والشهادة، فآل الأمر إلى أن المعنى: لا نعلم أي ما كنا نسميهم شركاء لأنه ما منا من هو محيط العلم.
ولما قرر جهلهم، أتبعه عجزهم فقال: ﴿وضل﴾ أي ذهب وشذ وغاب وخفي ﴿عنهم﴾ ولما كانت معبوداتهم إما ممن لا يعقل كالأصنام وإما في عداد ذلك لكونهم لا فعل لهم في الحقيقة، عبر عنهم بأداة ما لا يعقل فقال: ﴿ما كانوا﴾ أي دائماً ﴿يدعون﴾ في كل حين على وجه العادة.
ولما كان دعاؤهم لهم غير مستغرق لزمان القبل، أدخل الجار فقال: ﴿من قبل﴾ فهم لا يرونه فضلاً عن أنهم يجدون نفعه ويلقونه،