فلا يضيق عطاؤه بشيء ﴿العزيز *﴾ فلا يقدر أحد أن يمنعه عن شيء.
ولما بين بهذا أن الرزق ليس إلا في يده، أتبعه ما يزهد في طلب رزق البدن، ويرغب في رزق الروح فقال على سبيل الاستئناف جواباً لمن يسأل: هل يكون الرزق بشدة السعي أو لا، وبدأ برزق الروح لشرفه: ﴿من كان﴾ أي من شريف أو دنيء ﴿يريد﴾ ولما كان مدار مقصد السورة على الدين، وكان الدين معاملة بين العبد وربه يقصد به ما يقصد بالحرث من حصول الفائدة، وكان الحرث من أجل أسباب المكاسب، وكانت الجنة قيعاناً غراسها ذكر الله، عبر عن مطلق الكسب بالحرث فقال: ﴿حرث الآخرة﴾ أي أعمالها التي تستنمي بها الفوائد. ولما كانت أسباب الحروث وثمراتها لا يقدر على تعطيلها وإنجاحها إلا الله، وكان الآدمي يظن لنفسه في ذلك قدرة، نبه سبحانه بالالتفات إلى أسلوب العظمة أن أمره سبحانه في ذلك لا يستطاع دفاعه ولا ممانعته ونزاعه: ﴿نزد له﴾ أي بعظمتنا التي لا يقدر أحد على تحويلها ﴿في حرثه﴾ بأن يعينه على الأعمال الصالحة بإنارة القلب وتصفية الحال وتهدئة السر ونفوذ البصر فيما يضر وينفع ويضاعف له ثوابها من العشر لكل حسنة إلى ما لا نهاية له ويغطيه، من الدنيا التي أعرض عنها ما قدر له إعانة له على ما أقبل عليه من


الصفحة التالية
Icon