ولما تقرر ما شرع من الدين مما وصى به جميع النبيين فبانت أصوله، واتضحت فروعه وفصوله، وظهرت غرائبه وأشرقت فرائده وآياته، وختم بالقانون الأعظم في أمر الدارين مما هو مشاهد ولا يقدر عليه غيره، فكان التقدير من غير خفاء: هذا شرع الله الذي ارتضاه لعباده وحكم بأن الإقبال عليه غير ضار بطلب الرزق وقدر الأرزاق فلا قدرة لأحد أن يزيد في رزقه شيئاً، ولا أن ينقص منه شيئاً، أقبلوه؟ عادل ذلك بقوله تعالى مقرراً موبخاً منبهاً على ما هو الأصل في الضلال عن قوانينه المحررة وشرائعه الثابتة المقررة: ﴿أم لهم﴾ أي لهؤلاء الذيب يروغون يميناً وشمالاً ﴿شركاء﴾ على زعمهم شاركوا الشارع الذي مضى بيان عزته وظهور جلاله وعظمته في أمره حتى ﴿شرعوا﴾ أي الشركاء الذين طرقوا ونهجوا ﴿لهم﴾ أي للكفار، ويجوز أن يكون المعنى: شرع الكفار لشركائهم ﴿من الدين﴾ في العبادات والعادات التي تقرر في الأذهان أنه لا بد من الجزاء عليها لما جرت به عوائدهم عن محاسبة من تحت أيديهم وقدروا لهم من الأرزاق، وعدل عن أسلوب العظمة إلى الاسم الأعظم إشارة إلى ما فيه مع العظمة