كل من يصح أن يخاطب إشارة إلى أن الأمر في الوضوح بحيث لا يختص به أحد دون أحد فقال: ﴿ترى﴾ أي في ذلك اليوم لا يشك فيه عاقل لما له من الأدلة الفطرية الأولية والعقلية والنقلية ﴿الظالمين﴾ أي الواضعين الأشياء في غير مواضعها ﴿مشفقين﴾ أي خائفين أشد الخوف كما هو حال من يحاسبه من هو أعلى منه وهو مقصر. ولما كان الكلام في الذين ظلمهم صفة راسخة لهم، كان من المعلوم أن كل عملهم عليهم، فلذلك عبر بفعل الكسب مجرداً فقال: ﴿مما كسبوا﴾ أي عملوا معتقدين لأنه غاية ما ينفعهم ﴿وهو﴾ أي جزاءه ووباله الذي هو من جنسه حتى كأنه هو ﴿واقع بهم﴾ لا محالة من غير أن يزيدهم خوفهم إلا عذاباً في غمرات النيران، ذلك هو الخسران المبين، ذلك الذي ينذر به الذين ظلموا ﴿والذين آمنوا﴾ يصح أن يكون معطوفاً على مفعول ﴿ترى﴾ وأن يكون معطوفاً على جميع الجملة فيكون مبتدأ ﴿وعملوا الصالحات﴾ وهي التي أذن الله فيها غير خائفين مما كسبوا لأنهم مأذون لهم في فعله وهو مغفور لهم ما فرطوا فيه ﴿في روضات الجنات﴾ أي في الدنيا بما يلذذهم الله به من لذائد


الصفحة التالية
Icon