جعلوا لإفراطهم في الجهل الحالة البهيمية شرطاً للوصول إلى الحالة الملكية المضادة لها بكل اعتبار.
ولما تضمن قولهم إثبات عظمة لأنفسهم بالاعتراض على الملك، قال منكراً عليهم موبخاً لهم بما معناه أنه ليس الأمر مردوداً إليهم ولا موقوفاً عليهم بل هو إلى الله وحده ﴿والله أعلم حيث يجعل رسالته﴾ [الأنعام: ١٢٤] ﴿أهم﴾ أي أهؤلاء الجهلة العجزة ﴿يقسمون﴾ أي على التجدد والاستمرار: ولفت القول عن إفراد الضمير إلى صفة الرحمة المضافة إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشريفاً له وإظهاراً لعلي قدره: ﴿رحمت ربك﴾ أي إكرام المحسن إليك وإنعامه وتشريفه بأنواع اللطف والبر وإعظامه بما رباك له من تخصيصك بالإرسال إليهم بتأهيلهم للإنقاذ من الضلال، وجعلك وأنت أفضل العالمين الرسول إليهم ففضلوا بفضيلتك مع أنك أشرفهم نسباً وأفضلهم حسباً وأعظمهم عقلاً وأصفاهم لباً وأرحمهم قلباً ليتصرفوا في تلك الرحمة التي هي روح الوجود وسر الأمر بحسب شهواتهم وهم لا يقدرون على التصرف في المتاع الزائل بمثل ذلك.
ولما نفى أن يكون لهم شيء من القسم قال جواباً لمن كأنه


الصفحة التالية
Icon