على تقدير متانته بأن موسى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نبينا وعليه وسلم أتى بما يغني عما قاله من الأساورة وظهور الملائكة بأنه مهما هددهم فعله ومهما طلبوه منه أجابهم إليه، فلم يكن للقبط داع إلى طاعة فرعون بعدما رأوا من الآيات إلا المشاكلة في خباثة الأرواح، علل ذلك سبحانه بقوله مؤكداً لما يناسب أحوالهم فيرتضي أفعالهم وهم الأكثر: ﴿إنهم كانوا﴾ أي بما في جبلاتهم من الشر والنفاق لأنهم كانوا ﴿قوماً﴾ أي عندهم قوة شكائم توجب لهم الشماخة إلا عند من يقهرهم بما يألفون من أسباب الدنيا ﴿فاسقين﴾ أي عريقين في الخروج عن طاعة الله إلى معصية، قد صار لهم ذلك خلقاً ثانياً، وكأن مدة محاولة الكليم عليه الصلاة والسلام لهم كانت قريبة، فلذلك عبر بالفاء في قوله: ﴿فلما آسفونا﴾ أي فعلوا معناه ما يغضب إغضاباً شديداً بإغضاب أوليائنا كما في الحديث القدسي «مرضت فلم تعدني» لنكثهم مرة بعد مرة وكرة في إثر كرة ﴿انتقمنا منهم﴾ أي أوقعنا بهم على وجه المكافأة لما فعلوا برسولنا عليه السلام عقوبة عظيمة منكرة مكروهة


الصفحة التالية
Icon