من أن من وحد فقد آمن، ومن أشرك فقد كفر، وأن الله أنزل ذلك في التوراة والإنجيل وجميع أسفارهم، فطابقت عليه كتبهم، وتظافرت به رسلهم، وتواترت على الدعاء إليه والأمر به أنبياؤهم عليهم الصلاة والسلام، ثم سبب عن شهادته وعقب وفصل فقال: ﴿فآمن﴾ أي هذا الذي شهد هذه الشهادة بهذا القرآن عندما رآه مصدقاً لما ذكر وعلم أنه الكتاب الذي بشرت به كتبهم، فاهتدى إلى وضع الشيء في محله فوضعه ولم يستكبر.
ولما كان الحامل لهم بعد هذه الأدلة على التمادي على الكفر إنما هو الشماخة والأنفة قال: ﴿واستكبرتم﴾ أي أوجدتم الكبر بالإعراض عنه طالبين بذلك الرئاسة والفخر والنفاسة، فكنتم بعد شهادة هذا الشاهد معاندين من غير شبهة أصلاً فضللتم فكفرتم فوضعتم الشيء في غير موضعه فانسد عليكم باب الهداية.
ولما كانوا يدعون أنهم أهدى الناس وأعدلهم، وكان من رد شهادة الخالق والخلق ظالماً شديد الظلم، فكان ضالاً على علم، قال الله تعالى مستأنفاً دالاً على أن تقدير الجواب: أفلم تكونوا بتخلفكم عن الإيمان بعد العلم قد ظلمتم ظلماً عظيماً بوضع الكفران موضع الإيمان، فتكونوا ضالين تاركين للطريق الموصل على عمد ﴿إن الله﴾ أي الملك


الصفحة التالية
Icon