الأعظم ذا العزة والحكمة ﴿لا يهدي القوم﴾ أي الذين لهم قدرة على القيام بما يريدون محاولته ﴿الظالمين *﴾ أي الذين من شأنهم وضع الأمور غير مواضعها، فلأجل ذلك لا يهديكم لأنه لا أحد أرسخ منكم في الظلم الذي تسبب عنه ضلالكم، أما من كان منكم عالماً فالأمر فيه واضح، وأما من كان منكم جاهلاً فهو كالعالم لعدم تدبره مثل هذه الأدلة التي ما بين العالم بلسان العرب وبين انكشافها له إلا تدبها مع ترك الهوى، وقال الحسن - كما نقله البغوي - الجواب: فمن أضل منكم كما قال في «فصلت»
﴿قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد﴾ [فصلت: ٥٢] فالآية من الاحتباك: ذكر الإيمان أولاً دليلاً على ضده ثانياً، والاستكبار والظلم وعدم الهداية ثانياً دليلاً على أضدادها أولاً، وسره أنه شكر سببي السعادة ترغيباً وترهيباً.
ولما دل على أن تركهم للإيمان إنما هو تعمد للظلم استكباراً، عطف على قولهم ﴿إنه سحر﴾ ما دل على الاستكبار فقال تعالى: ﴿وقال الذين كفروا﴾ أي تعمدوا تغطية الحق ﴿للذين﴾ أي لأجل إيمان الذين ﴿آمنوا﴾ إذ سبقوهم إلى الإيمان: ﴿لو كان﴾ إيمانهم