العبارة، وظهور المهاني ودقة الإشارة مع سهولة الفهم وقرب المتناول بعد بعد المغزى.
ولما دل على أن الكتاب حق، بين ثمرته فقال: ﴿لينذر﴾ أي أشير إلى الكتاب في هذا الحال لينذر الكتاب بحسن بيانه وعظيم شأنه ﴿الذين ظلموا﴾ سواء كانوا عريقين في الظلم أم لا، فأما العريقون فهو لهم نذري كاملة، فإنهم لا يهتدون كما تقدم، وأما غيرهم فيهتدي بنذارته ويسعد بعبارته وإشارته، وليبشر الذين أحسنوا في وقت ما ﴿ما﴾ هو ﴿بشرى﴾ كاملة ﴿للمحسنين *﴾ لا نذارة لهم لا في الدنيا ولا في الآخرة، فالآية من الاحتباك: أثبت أولاً ﴿ينذر﴾ و ﴿الذين ظلموا﴾ دلالة على حذف نحوه ثانياً، ﴿وبشرى﴾ و ﴿للمحسنين﴾ ثانياً دلالة على ﴿نذري﴾ ﴿وللظالمين﴾ أولاً.
ولما بين حالة المحسنين شرح أمرهم فقال مستأنفاً في جواب من سأل عنهم وعن بشراهم: ﴿إن الذين قالوا ربنا﴾ أي خالقنا ومولانا والمحسن إلينا ﴿الله﴾ سبحانه وتعالى لا غيره. ولما كانت الاستقامة - وهي الثبات على كل ما يرضي الله مع ترتبها على التوحيد - عزيزة المنال عليه الرتبة، وكانت في الغالب لا تنال إلا بعد منازلات طويلة ومجاهدات شديدة، أشار إلى كل من بعدها وعلو رتبتها بأداة التراخي فقال: ﴿ثم﴾ أي بعد قولهم ذلك الذي وحدوا به ﴿استقاموا﴾