وأنتم في غاية الاجتراء عليهم، فإن ربهم الذي أوجدهم قد أبطلهم وأذن لكم في إبطالهم، فإنه قد علم أن لا صلاح لهم والمؤذي طبعاً يقتل شرعاً، فمن قدرتم على قتله فهو محكوم بكفره، محتوم بخيبته وخسره.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما انبنت سورة الأحقاف على ما ذكر من مآل من كذب وافترى وكفر وفجر، وافتتحت السورة بإعراضهم، ختمت بما قد تكرر من تقريعهم وتوبيخهم، فقال تعالى: ﴿ألم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى﴾ أي لو اعتبروا بالبداءة لتيسر عليهم أمر العودة، ثم ذكر عرضهم على النار إلى قوله ﴿فهل يهلك إلا القوم الفاسقون﴾ فلما ختم بذكر هلاكهم، افتتح السورة الأخرى بعاجل ذلك اللاحق لهم في دنياهم فقال تعالى: ﴿فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منّاً بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها﴾ الآية بعد ابتداء السورة بقوله ﴿الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم﴾ فنبه على أن أصل محنتهم إنما هو


الصفحة التالية
Icon