بما أراده تعالى بهم في سابق علمه ليعلم المؤمنون أن الهدى والضلال بيده، فنبه على الطريقين بقوله ﴿أضل أعمالهم﴾ وقوله في الآخر ﴿كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم﴾ ثم بين أنه تعالى لو شاء لانتصر منهم ولكن أمر المؤمنين بقتالهم ابتلاء واختباراً، ثم حض المؤمنين على ما أمرهم به من ذلك فقال: ﴿إن تنصروا الله ينصركم﴾ ثم التحمت الآي - انتهى.
ولما ذكر أهل الكفر معبراً عنهم بأدنى طبقاتهم ليشمل من فوقهم، ذكر أضدادهم كذلك ليعم من كان منهم من جميع الفرق فقال تعالى: ﴿والذين آمنوا﴾ أي أقروا بالإيمان باللسان ﴿وعملوا﴾ تصديقاً لدعواهم ذلك ﴿الصالحات﴾ أي الأعمال الكاملة في الصلاة بتأسيسها على الإيمان. ولما كان هذا الوصف لا يخص أتباع محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خصهم بقوله تعالى: ﴿وآمنوا﴾ أي مع ذلك.
ولما كان بعضهم كحيي بن أخطب ومن نحا نحوه قد طعن في القرآن بنزوله منجماً مع أن التوراة ما نزلت إلا كذلك، وليس أحد منهم يقدر أن ينكره قال: ﴿بما نزل﴾ أي ممن لا منزل إلا هو منجماً مفرقاً ليجددوا بعد