المحاسن وهدى أعمالهم. ولما كان من يعمل سوءاً يخاف عاقبته فيتفرق فكره، إذ لا عشية لخائف قال تعالى: ﴿وأصلح بالهم *﴾ أي موضع سرهم وفكرهم بالأمن والتوفيق والسداد وقوة الفهم والرشاد لما يوفقهم له من محاسن الأعمال ويطيب به اسمهم في الدارين، قال ابن برجان: وإذا أصلح ذلك من العبد صلح ما يدخل إليه وما يخرج عنه وما يثبت فيه، وإذا فسد فبالضد من ذلك. ولذلك إذا اشتغل البال لم ينتفع من صفات الباطن بشيء، وقد علم أن الآية من الاحتباك: ذكر ضلال الكفار أولاً دليلاً على إرادة الهدى للمؤمنين ثانياً، وإصلاح البال ثانياً دليلاً على حذف إفساده أولاً.
ولما كان الجزاء من جنس العمل، علل ما تقدم من فعله بالفريقين بقوله: ﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم الذي ذكر هنا من جزاء الطائفتين ﴿بأن﴾ أي بسبب أن ﴿الذين كفروا﴾ أي ستروا مرائي عقولهم ﴿اتبعوا﴾ أي بغاية جهدهم ومعالجتهم لما قادتهم إليه فطرهم الأولى ﴿الباطل﴾ من العمل الذي لا حقيقة له في الخارج يطابقه، وذلك هو الابتداع والميل مع الهوى إيثاراً للحظوظ فضلوا ﴿وأن الذين آمنوا﴾ أي ولو كانوا في أقل درجات الإيمان ﴿اتبعوا﴾


الصفحة التالية
Icon