على غاية الشقاء، أنتج قوله: ﴿أولئك﴾ أي خاصة هؤلاء البعداء من الفهم ومن كل خير ﴿الذين طبع الله﴾ أي الملك الأعظم الذي لا تناهي لعظمه جل وعلا ﴿على قلوبهم﴾ أي فلم يؤمنوا ولم يفهموا فهم الانتفاع لأن مثل هذا الجمود لا يكون إلا بذلك. ولما كان التقدير: إنهم ضلوا حتى صاروا كالبهائم، عطف عليه ما هو من أفعال البهائم فقال: ﴿واتبعوا﴾ أي بغاية جهدهم ﴿أهواءهم *﴾ أي مجانبين لوازع العقل وناهي المروءة، فلذلك هم يتهاونون بأعظم الكلام ويقبلون على جمع الحطام، فهم أهل النار المشار إليهم قبل آية «مثل الجنة» بأنهم زين لهم سوء أعمالهم.
ولما ذكر ما هم عليه وشنع عليهم أقبح الذكر، ذكر الذين آتاهم العلم فقال: ﴿والذين اهتدوا﴾ أي اجتهدوا باستماعهم منك في مطاوعة داعي الفطرة الأولى إلى الوقوع على الهدى بالصدق في الإيمان والتسليم والإذعان بأنواع المجاهدات ﴿زادهم﴾ أي الله الذي طبع على قلوب الجهلة ﴿هدى﴾ بأن شرح صدورهم ونورها بأنوار المشاهدات فصارت أوعية للحكمة «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم» ﴿وآتاهم تقواهم *﴾ أي بين لهم ما هو أهل لأن يحذر ووفقهم لاجتنابه