فقال: ﴿يضربون﴾ أي يتابعون في حال التوفية ضربهم ﴿وجوههم﴾ التي هي أشرف جوارحهم التي جبنوا عن الحرب صيانة لها عن ضرب الكفار. ولما كان حالهم في جبنه مقتضياً لضرب الأقفاء، صوره بأشنع صوره فقال: ﴿وأدبارهم *﴾ التي ضربها أدل ما يكون على هوان المضروب وسفالته ثم تتصل بعد ذلك آلامهم وعذابه وهوانهم إلى ما لا آخر له.
ولما كان كفران النعيم يوجب مع إحلال النعم إبطال ما تقدم من الخدم قال: ﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم الإهانة من فعل رسلنا بهم ﴿بأنهم اتبعوا﴾ أي عالجوا فطرهم الأولى في أن تبعوا عناداً منهم ﴿ما أسخط الله﴾ أي الملك الأعظم وهو العمل بمعاصيه من موالاة أعدائه ومناواة أوليائه وغير ذلك.
ولما كان فعل ما يسخط قد يكون مع الغفلة عن أنه يسخط، بين أنهم ليسوا كذلك فقال تعالى: ﴿وكرهوا﴾ أي بالإشراك ﴿رضوانه﴾ بكراهتهم أعظم أسباب رضاه وهو الإيمان، فهم لما دونه بالقعود عن سائر الطاعات أكره، لأن ذلك ظاهر غاية


الصفحة التالية
Icon