يعود عليه وهو سبحانه لم يسألكم ذلك لحاجته إليه ولا إلى شيء منكم، بل لحاجتكم إلى الثواب، وهو سبحانه قد بنى أمور هذه الدار كما اقتضته الحكمة على الأسباب: ﴿والله﴾ أي الملك الأعظم الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال ﴿الغني﴾ أي وحده ﴿وأنتم﴾ أيها المكلفون خاصة ﴿الفقراء﴾ لأن العطاء ينفعكم والمنع يضركم. فمن افتقر منكم إلى فقير مثله وقع في الذل والهوان، وقد جرت عادتكم أن يداخلكم من السرور ما لا يجد إذا طلب من أحد منكم أحد من الأجواد الأغنياء شيئاً طمعاً في جزائه، فكونوا كذلك وأعظم إذا طلب منكم الغنى المطلق.
ولما كان التقدير: فإن تقبلوا بنولكم تفلحوا عطف عليه قوله مرهباً لأن الترهيب أردع: ﴿وإن تتولوا﴾ أي توقعوا التولي عنه تكلفوا أنفسكم ضد ما تدعو إليه الفطرة الأولى من السماح بذلك الجزاء اليسير جداً الموجب للثواب الخطير والفوز الدائم، ومن الجهاد في سبيله، والقيام بطاعته، لكونه المحسن الذي لا محسن في الحقيقة غيره ﴿يستبدل﴾ أي يوجد ﴿قوماً﴾ فيهم قوة وكفاية لما يطلب منهم محاولته.


الصفحة التالية
Icon