مستنتجاً مما مضى من وصفه بالرسالة الدالة على النبوة، آمراً بحفظ حرمته ومراعاة الأدب في خدمته وصحبته بتبجيله وتفخيمه، وإعزازه وتعظيمه، مكرراً لندائهم بما ألزموا أنفسهم به من طاعته بتصديقه واستدعاء لتجديد الاستنصار وتطرية الندب إلى الإنصات وإشارة إلى أن المنادى له أمر يستحق أن يفرد بالنداء ويستقل بالتوصية: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ مكرراً للتعبير بالأدنى من أسنان القلوب للتنبيه على أن فاعل مثل هذه المنهيات والمحتاج فيها إلى التنبيه بالنهي قد فعل من هذا حاله ﴿لا ترفعوا أصواتكم﴾ أي في شيء من الأشياء ﴿فوق صوت النبي﴾ أي الذي يتلقى عن الله، وتلقيه عنه متوقع في كل وقت، وهذا يدل على أن أذى العلماء الذين هيأهم الله لتلقي فهم دينه عند شديد جداً، فإن تكدير أوقاتهم يمنعهم عن كثير من ذلك.
ولما بين ما في ذلك لأجل النبوة، بين ما ينبغي في نفسه من المزية فقال: ﴿ولا تجهروا بالقول﴾ أي إذا كلمتموه سواء كان ذلك بمثل صوته أو أخفض من صوته، فإن ذلك غير مناسب لما يهاب به العظماء، ويوقر