المنادي والراضي دون الساكت لعذر ﴿لا يعلقون *﴾ لأنهم لم يصبروا، بل فعلوا معه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما يفعل بعضهم مع من يماثله، والعقل يمنع من مثل ذلك لمن اتصف بالرئاسة فكيف إذا كانت رئاسة النبوة والرسالة عن الملك الجبار الواحد القهار.
ولما ذمهم بسوء عملهم، أرشدهم إلى ما يمدحون به من حسنه فقال: ﴿ولو أنهم﴾ أي المنادي والراضي ﴿صبروا﴾ أي حبسوا أنفسهم ومنعوها عن مناداتهم، والصبر حبس النفس عن أن تنازع إلى هواها وهو حبس فيه شدة، وصبر عن كذا - محذوف الفعل لكثرة دوره، أي نفسه ﴿حتى تخرج﴾ من تلقاء نفسك عند فراغ ما أنت فيه مما يهمك من واردات الحق ومصالح الخلق. ولما كان الخروج قد يكون إلى غيرهم من المصالح، فلا يسوغ في الأدب أن يقطع ذاك عليه قال: ﴿إليهم﴾ أي ليس لهم أن يكلموك حتى تفرغ لهم فتقصدهم فإنك لا تفعل شيئاً في غير حينه بمقتضى أمر الرسالة ﴿لكان﴾ أي الصبر.
ولما كان العرب أهل معال فهم بحيث لا يرضون إلا الأحسن فقال: ﴿خيراً لهم﴾ أي من استعجالهم في إيقاظك وقت الهاجرة وما لو قرعوا الباب بالأظافير كما كان يفعل غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم،


الصفحة التالية
Icon