فقال على سبيل النتيجة من ذلك ذاكراً ما في القسم الرابع من الآداب والمنافع من وجوب ترك أذى المؤمنين في حضورهم والإزراء بحالهم المذهب لسرورهم الجالب لشرورهم: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي أوقعوا الإقرار بالتصديق ﴿لا يسخر﴾ أي يهزأ ويستذل.
ولما كانت السخرية تكون بحضرة ناس، قال معبراً بما يفهم أن من شارك أو رضي أو سكت وهو قادر فهو ساخر مشارك للقائل: ﴿قوم﴾ أي ناس فيهم قوة المحاولة، وفي التعبير بذلك هز إلى قيام الإنسان على نفسه وكفها عما تريده من النقائص شكراً لما أعطاه الله من القوة: ﴿من قوم﴾ فإن ذلك يوجب الشر لأن أضعف الناس إذا حرك للانتقاص قوي بما يثور عنده من حظ النفس.
ولما كان الذي يقتضيه الرأي الأصيل أنه لا يستذل الإنسان إلا من أمن أن يصير في وقت من الأوقات أقوى منه في الدنيا وفي الآخرة، علل بقوله: ﴿عسى﴾ أي لأنه جدير وخليق لهم ﴿أن يكونوا﴾ أي المستهزأ بهم ﴿خيراً منهم﴾ فينقلب الأمر عليهم ويكون لهم سوء العاقبة، قال ابن مسعود رضي الله عنه: البلاء موكل بالقول ولو سخرت من كلب خشيت أن أحول كلباً؛ وقال


الصفحة التالية
Icon