ذلك على وجه عام، وأكده لذلك فقال: ﴿إن الله﴾ أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿يعلم﴾ أي بطريق ثبوت الصفة وتجريد التعلق واستمراره كلما تجدد محدث أو كان بحيث يتجدد ﴿غيب السماوات﴾ أي كلها ﴿والأرض﴾ كذلك.
ولما أريد التعميم من غير تقييد بالخافقين أظهر ولم يضمر قوله: ﴿والله﴾ أي الذي له الإحاطة بذلك وبغيره مما لا تعلمون ﴿بصير﴾ أي عالم أتم العلم ظاهراً وباطناً ﴿بما تعملون *﴾ من ظاهر إسلامكم وباطن إيمانكم في الماضي والحاضر والآتي سواء كان ظاهراً أو باطناً سواء كان قد حدث فصار بحيث تعلمونه أنتم أو كان مغروزاً في جبلاتكم وهو خفي عنكم - هذا على قراءة الخطاب التفات إليهم لاستنقاذ من توهم منهم هذا التوهم، وهي أبلغ، وعلى قراءة ابن كثير بالغيب يكون على الأسلوب الأول مما أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإبلاغه لهم، فهو سبحانه عالم بمن انطوى ضميره على الإيمان، ومن هو متكيف بالكفران، ومن يموت على ما هو عليه، ومن يتحول حاله بإبعاد عنه أو جذب إليه، قال القشيري رحمه الله تعالى: ومن وقف ههنا تكدر عليه العيش إذ ليس يدري ما غيبه فيه، وفي المعنى قال:


الصفحة التالية
Icon