ومرارات، وسموم وعقارب وحيات، وخشاش وسباع وحشرات، وبين ماء يعيد به الأموات، ثم يحشرهم إلى جنان ونيران، فكما أنه لا مرية في إظهار هذا الغيب فكذلك لا لبس في إظهار ذلك الغيب، ومن المعنى أيضاً أنك لا تشتغل برزق فإنه في السماء، ولا سبيل لك إلى العروج إليها، واشتغل بما كلفته من الخدمة لمن عنده الرزق ففي السماء الرزق وإليها يرفع العمل، فإن أردت أن ينزل إليك رزقك فأصعد إليها الصالح من عملك، ولهذا قالوا: الصلاة فرع باب الرزق ﴿واصطبر عليها لا نسئلك رزقاً نحن نرزقك﴾.
ولما أقسم بما له من المقدورات لمن وقف مع المحسوسات المشهورات، فترقوا بذلك إلى أعلى الدرجات، وانكشف ما له من الكمال انكشافاً تاماً، وعلم أن في خزائنه سبحانه كل ما أخبرت عنه به الرسل من وعد ووعيد، سبب عنه قوله مقسماً بنفسه الأقدس لكن بصفة مألوفة فقال: ﴿فورب﴾ أي مبدع ومدبر ﴿السماء والأرض﴾ بما أودع فيهما مما علمتموه وما لم تعلموه ﴿إنه﴾ أي الذي توعدونه من الخير والشر والجنة والنار وتقدم الإقسام عليه أنه صادق ﴿لحق﴾ أي ثابت يطابقه الواقع فقد جمع الحق مع الصدق ﴿مثل ما أنكم﴾ أي وأنتم مساوون لبقية ما في الأرض من الجمادات وغيرها ﴿تنطقون *﴾ نطقاً مجدداً في كل وقت مستمراً، ليس هو بخيال ولا سحر، أي أن


الصفحة التالية
Icon