فرتب عظمة هذا المولود على كل من عقمك وعجزك؛ ثم عللوا ذلك بقولهم: ﴿الحكيم *﴾ أي المحيط العلم فهو كذلك لا يعجزه شيء لما تقدم من البرهان في سورة طه أن إحاطة العلم مستلزم شمول القدرة.
ولما كان الخليل عليه السلام أعلم أهل زمانه بالأمور الإلهية، علم أن اجتماع الملائكة على تلك الهيئة التي يراهم فيها ليس لهذه البشارة فقط، فلذلك استأنف تعالى الجواب لمن كان كأنه قال: ما كان من حاله وحالهم بعد هذا؟ بقوله: ﴿قال﴾ أي قال مسبباً عما رأى من حالهم: ﴿فما خطبكم﴾ أي خبركم العظيم ﴿أيها المرسلون *﴾ أي لأمر عظيم ﴿قالوا﴾ قاطعين بالتأكيد بأن مضمون خبرهم حتم لا بد منه، ولا مدخل للشفاعة فيه: ﴿إنا أرسلنا﴾ أي بإرسال من تعلم ﴿إلى قوم مجرمين *﴾ أي هم في غاية القوة على ما يحاولونه وقد صرفوا ما أنعم الله به عليهم من القوة في قطع ما يحق وصله ووصل ما يحق قطعه ﴿لنرسل عليهم﴾ أي من السماء التي فيها ما وعد العباد به وتوعدوا ﴿حجارة من طين *﴾ أي مهيأ للاحتراق والإحراق ﴿مسومة﴾ أي معلمة بعلامة العذاب المخصوص. ولما كان قد رأوا اهتمامه بالعلم بخبرهم خشية من أن يكونوا أرسلوا لعذاب أحد يعز عليه أمره، أمنوا خوفه بوصف الإحسان فقالوا: ﴿عند ربك﴾ أي المحسن إليك بهذه البشارة وغيرها ﴿للمسرفين *﴾


الصفحة التالية
Icon