فيها ولا بركة فلذلك أهلكهم هلاك الاستئصال، ثم بين عقمها وإعقامها بقوله: ﴿ما تذر﴾ أي تترك على حال ردية، وأعرق في النفي فقال: ﴿من شيء﴾ ولما كان إهلاكها إنما هو بالفاعل المختار، نبه على ذلك بأداة الاستعلاء فقال: ﴿أتت عليه﴾ أي إتيان إرادة مرسلها، استعلاها على ظاهره وباطنه، وأما من أريدت رحمته كهود عليه السلام ومن معه رضي الله عنهم فكان لهم روحاً وراحة لا عليهم ﴿إلا جعلته كالرميم *﴾ أي الشيء البالي الذي ذهلته الأيام والليالي، فصيره البلى إلى حالة الرماد، وهو في كلامهم ما يبس من نبات الأرض ودثر - قاله ابن جريج، وخرج بالتعبير ب «تذر» هود عليه السلام ومن معه من المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين، فإنهم تركتهم على حالة حسنة لم يمسهم منها سوء كما أشير إلى مثل ذلك بأداة الاستعلاء.
ولما تم ما اقتضاه سياق السورة من قصة أهل الريح الذارية، أتبعها قصة من أهلكوا بما يحمله السحاب من الريح وما تحمله الريح من صوت الصيحة الراجفة الماحقة فقال: ﴿وفي ثمود﴾ أي قوم صالح عليه السلام آية عظيمة كذلك ﴿إذ﴾ أي حين ﴿قيل لهم﴾ ممن لا يخلف المعياد: ﴿تمتعوا﴾ أي بلبن الناقة وغيره مما مكناكم فين من الزرع والنخيل والأبنية في الجبال والسهول وغير ذلك من جلائل الأمور الذي أمرناكم به ولا تطغوا ﴿حتى حين *﴾ أي وقت ضربناه لآجالكم ﴿فعتوا﴾ أي أوقعوا بسبب إحساننا إليهم العتو، وهو التكبر والإباء ﴿عن أمر ربهم﴾ أي مولاهم الذي أعظم إحسانه إليهم فعقروا الناقة