وأرادوا قتل نبيه عليه السلام ﴿فأخذتهم﴾ بسبب عتوهم أخذ قهر وعذاب ﴿الصاعقة﴾ أي الصيحة العظيمة التي حملتها الريح، فأوصلتها إلى مسامعهم بغاية العظمة، ورجت ديارهم رجة أزالت أرواحهم بالصعق، وقوله: ﴿وهم ينظرون *﴾ دال على أنها كانت في غمام، وكان فيها نار، ويجوز - مع كونه من النظر - أن يكون أيضاً من الانتظار، فإنهم وعدوا نزول العذاب بعد ثلاثة أيام، وجعل لهم في كل يوم علامة وقعت بهم فتحققوا وقوعه اليوم الرابع ﴿فما﴾ أي فتسبب عن ذلك أنه ما ﴿استطاعوا﴾ أي تمكنوا، وأكد النفي فقال: ﴿من قيام﴾ أي بعد مجيئها بأن عاجلتهم بإهلاكها عن القيام.
ولما كان الإنسان قد لا يتمكن من القيام لعارض في رجليه وينتصف من عدوه بما يرتبه من عقله ويدبره برأيه قال: ﴿وما كانوا﴾ أي كوناً ما ﴿منتصرين﴾ أي لم يكن فيهم أهلية للانتصار بوجه، لا بأنفسهم ولا بناصر ينصرهم فيطاوعونه في النصرة لأن تهيؤهم لذل سقط بكل اعتبار.
ولما أتم قصة من أهلكوا بما من شأنه الإهلاك وهو الصاعقة، أتبعهم قصة من أهلكوا بما من شأنه الإحياء، وهو الماء الذي جل ما يشتمل عليه الحلامات التي أثارتها الذاريات، وقد كانوا موجودين في الأرض والسماء - وأسبابه مهيأة - وهم لا يحسون بشيء من ذلك،