وموجداً له. ولما كان مع ما ذكر من حاله يجوز أن يكون سماعه لها، خفف من مبالغته في الكفر، بين أنها لم تؤثر فيه نوعاً من التأثير، فكان قلبه أشد قسوة من الحجر فقال: ﴿كأن﴾ أي كأنه ﴿لم يسمعها﴾ فعلم من ذلك ومن الإصرار وما قيد به من الاستكبار أن حاله عند السماع وقبله وبعده على حد سواء، وقد علم بهذا الوصف أن كل من لم ترده آيات الله تعالى كان مبالغاً في الإثم والإفك، فكان له الويل.
ولما كان الإصرار معناه الدوام المتحكم، لم يذكر الوقر الذي هو من الأمراض الثابتة كما ذكره في سورة لقمان، قال ابن القطاع وابن ظريف في أفعالهما، أصر على الذنب والمكروه: أقام، وقال عبد الغافر الفارسي في المجمع: أصررت على الشيء أي أقمت ودمت عليه، وقال ابن فارس في المجمل: والإصرار: العزم على الشيء والثبات عليه، وقال أبو عبد الله القزاز في ديوانه ونقله عن عبد الحق في واعيه: وأصل الصر الإمساك، ومنه يقال: أصر فلان على كذا، أي أقام عليه وأمسكه في نفسه وعقده لأنه قد يقول ما ليس في نفسه وما لا يعتقده، والرجل مصر على الذنب أي ممسك له معتقد عليه، ثم


الصفحة التالية
Icon