وتكون مسخراً لمن سخر لك الكل وهو الله تعالى، فإنه يقبح بالمخدوم أن يخدم خادمه، وقال القشيري: ما من شيء من الأعيان الظاهرة إلا ومن وجه للانسان به انتفاع، فمن أن يستسخرك ما هو مسخر لك.
ولما صح أنه لا شريك له في شيء من الخلق لا من الذوات ولا من المعاني، حسن جداً قوله، مؤكداً لأن عملهم يخالفه: ﴿إن في ذلك﴾ أي الأمر العظيم وهو تسخيره لنا كل شيء في الكون ﴿لآيات﴾ أي دلالات واضحات على أنهم في الالتفات إلى غيره في ضلال مبين بعد تسخيره لنا ما لنا من الأعضاء والقوى على هذا الوجه البديع مع أن من هذا المسخر لنا ما هو أقوى منا ﴿لقوم﴾ أي ناس فيهم أهلية للقيام بما يجعل إليهم ﴿يتفكرون *﴾ أنه المتوحد باستحقاق الإلهية فلا يشركون به شيئاً.
ولما علمت دلائل التوحيد على وجه علم منه أنه قد بسط نعمه على جميع خلقه طائعهم وعاصيهم، فعلمت بواسطة ذلك الأخلاق الفاضلة والأفعال الحميدة، وكان على المقبل عليه المحب له التخلق بأوصافه، أنتج قوله مخاطباً لأفهم خلقه عنه وأطوعهم له الذي الأوامر إنما هي


الصفحة التالية
Icon