قال البغوي: وذلك أن خزنه جهنم يعلون أيديهم إلى أعناقهم ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم فم يدفعون دفعاً على وجوههم وزجاً في أقفيتهم، مقولاً لهم تبكيتاً وتوبيخاً: ﴿هذه النار﴾ أي الجسم المحرق المفسد لما أتى عليه، الشاغل عن اللعب ﴿التي كنتم﴾ بجبلاتكم الفاسدة. ولما كان تكذيبهم بها في أقصى درجات التكذيب، وكان سبباً لكل تكذيب، كان كأنه مقصور عليه فقال مقدماً للظرف إشارة إلى ذلك، ﴿بها تكذبون *﴾ أي في الدنيا على التجديد والاستمرار.
ولما كانوا يقولون عناداً: إن القرآن بما فيه من الوعيد سحر، سبب عن ذلك الوعيد قوله مبكتاً موبخاً متهكماً: ﴿أفسحر هذا﴾ أي الذي أنتم فيه من العذاب مع هذا الإحراق الذي تصلون منه ﴿أم أنتم﴾ في منام ونحوه ﴿لا تبصرون *﴾ بالقلوب كما كنتم تقولون في الدنيا ﴿قلوبنا في أكنة﴾ [فصلت: ٥] ولا بالأعين كما كنتم تقولون للمذرين ﴿من بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون﴾ [فصلت: ٥] أي أنتم عمي عن المخبر عنه مع إحراقه لهم كما كنتم عمياً عن الخبر أي هل تستطيعون أن تقولوا إنكم لا تبصرون المخبر عنه كما كنتم تقولون في الخبر كذباً وفجوراً، ثم يقال لهم بعد هذا التبكيت الذي يقطع بأن جوابهم يكون بأن يقولوا: لا وعزة ربنا ما هو بسحر ولا خيال، بل هو حقيقة،