من الرمال المتراكمة، فنقلها إلى أمكنة أخرى أقرب دليل إلى أنه تعالى يسير الجبال يوم الدين، هذا إلى ما في صفها الخارج عن العوائد من تصوير النفخ في الصور تارة للقيامة وتارة للأحياء، فأجيب بقوله: ﴿كذبت عاد﴾ أي أوقعت التكذيب العام المطلق الذي أوجب تكذيبهم برسولي هود عليه السلام في دعوته لهم إليّ وإنذاره لهم عذابي.
ولما كان عادة الملوك أو بعضهم أنه إذا أهلك قوماً كثيرين من جنده نجا ناس مثلهم بمثل ذنوبهم أن يرفع بهم، ويستألفهم لئلا يهلك جنده، فيختل ملكه، عقب الإخبار بتكذبيهم الإعلام بتعديهم لأنه لا يبالي بشيء لأن كل شيء في قبضته، ولما كان تكذيبهم إلا بإرادته كا أن عذابه بمشيئته، قال مسبباً عن ذلك: ﴿فكيف﴾ أي فعلى الأحوال لأجل تكذيبهم ﴿كان عذابي لهم ونذر *﴾ أي وإنذاري إياهم بلسان رسولي، وكرر في آخر قصتهم هذا الاستخبار، فكان في قصتهم مرتين كما تقدم من سره - والله أعلم.
ولما ذكر تكذيبهم وأعقبه تعذيبهم، علم السامع أنه شديد العظمة فاستمطر أن يعرفه فاستأنف قوله، مؤكداً تنبيهاً على أن قريشاً أفعالهم في التكذيب كأفعالهم كأنهم يكذبون بعذابهم: ﴿إنا أرسلنا﴾ بعظمتنا، وعبر بحرف الاستعلاء إعلاماً بالنقمة فقال: ﴿عليهم ريحاً﴾ ولما كانت الريح ربما كانت عياناً، وصفها بما دل على حالها فقال: ﴿صرصراً﴾ أي شديد البرد والصوت. ولما كان مقصود السورة تقريب قيام الساعة