الشعب وإحكام الربط ﴿فهل من مدَّكر *﴾ أي تسبب عن هذا الأمر العظيم الذي فعلناه أنه موضع السؤال عن أحوال السامعين: هل فيهم من يقبل على حفظه ثم تدبره وفهمه ويتعظ بما حل بالأمم السالفة، ويتذكر جميع ما صرف من الأقوال وينزلها على نفسه وما لها من الأحوال، ويجعل ذلك لوجهنا فيلقيه بتشريفه به أمر دنياه وأخراه.
ولما كان هذا موضع الإقبال على تدبر مواعظ القرآن، وكان ثمود أعظم وعظ كان بعد عاد لما في صيحتهم الخارجة عن العهود من تصوير الساعة بنفختيها المميتة ثم المحيية، وقال مؤنثاً فعلهم إشارة إلى سفول هممهم وسفول فعلهم معلماً أن من كذب هلك - على طريق الجواب لمن لعله يقول استبعاداً لتكذيب بعد ما جرى في القصتين الماضيتين من التعذيب: ﴿كذبت ثمود﴾ أي قوم صالح ﴿بالنذر *﴾ الإنذارات والمنذرين كلهم لأنهم شرع واحد، ثم علل ذلك وعقبه بقوله معلماً بالضمير أن المباشر بهذا الكفر رجالهم لئلا يظن أنهم نساء فقط: ﴿فقالوا﴾ منكرين لما جاءهم من الله غاية الإنكار: ﴿أبشراً﴾ إنكاراً لرسالة هذا النوع ليكون إنكار النبوة إنكاراً لنبوة نبيهم على أبلغ الوجوه، وأعظم الإنكار بقولهم مقدمين عدم الانفراد عنهم لخصوصيته: ﴿منا﴾ أي فلا فضل له علينا فما وجه اختصاصه بذلك من بيننا، وزادوا ذلك تأكيداً فقالوا: ﴿واحداً﴾ أي ليس معه من يؤيده، ثم فسر الناصب لقوله: ﴿بشراً﴾ بقوله: ﴿نتبعه *﴾ أي نجاهد نفسنا في خلع مألوفنا وخلاف آبائنا والإقرار على أنفسنا بسخافة العقل والعراقة في الجهل ونحن أشد الناس كثرة


الصفحة التالية
Icon