أي الوحي الذي يكون به الشرف الأعظم، وعبروا بعلى إشارة إلى أن مثل هذا الذي تقوله لا يقال إلا عن قضاء غالب وأمر قاهر فقال: ﴿عليه﴾ ودلوا على وجه التعجب والإنكار بالاختصاص بقولهم: ﴿من بيننا﴾ أي وبيننا من هو أولى بذلك سناً وشرفاً ونبلاً.
ولما كان هذا الاستفهام لكونه إنكارياً بمعنى النفي، أضربوا عنه بقولهم على وجه النتيجة عطفاً على ما أفهمه الاستفهام من نحو: ليس الأمر كما زعم: ﴿بل هو﴾ لما أبديناه من الشبه ﴿كذاب﴾ أي بليغ في الكذب ﴿أشر *﴾ أي مرح غلبت عليه البطالة حتى أعجبته نفسه بمرح وتجبر وبطر، ونشط في ذلك حتى صار كالمنشار الذي هو متفرغ للقطع مهيأ له خشن الأمر سيئ الخلق والأثر فهو يريد الترفع.
ولما كان هذا غاية الذم لمن يستحق منهم غاية المدح، أجاب تعالى عنه موعظة لعباده لئلا يتقولوا ما يعلمون بطلانه أو يقولوا ما لا يعلمون صحته بقوله: ﴿سيعلمون﴾ بوعد لا خلف فيه. ولما كان المراد التقريب لأنه أقعد في التهديد، قال: ﴿غداً﴾ أي في الزمن الآتي القريب لأن كل ما حقق إتيانه قريب عند نزول العذاب في الدنيا ويوم القيامة، وقراءة ابن عامر وحمزة ورويس عن يعقوب بالخطاب التفات يعلم بغاية الغضب ﴿من الكذاب الأشر *﴾ أي الكذب والأشر وهو احتقار الناس والاستكبار على ما أبدوه من الحق مختص به ومقصود عليه لا يتعداه إلى مرميه وذلك بأنهم جعلوا الكذب ديدنه ولم يتعدهم حتى