مما يشاؤه من الجبال وغيرها إلى أسفل سافلين ﴿رافعة *﴾ أي لضعفاء أهل الجنة وغيرهم من منازلهم وغيرها مما يشاؤه إلى عليين، لا راد لأمره ولا معقب لحكمه. ولما كان في هذا من الهول ما يقطع القلوب الواعية أكده بقوله وزاد ما يشاء منه أيضاً بقوله مبدلاً من الظرف الأول بعض ما يدخل في الرفع والخفض: ﴿إذا رجت الأرض﴾ أي كلها على سعتها وثقلها بأيسر أمر ﴿رجاً *﴾ أي زلزلت زلزالاً شديداً بعنف فانخفضت وارتفعت ثم انتفضت بأهلها انتفاضاً شديداً، قال البغوي: والرج في اللغة التحريك. ولما ذكر حركتها المزعجة، أتبعها غايتها فقال: ﴿وبست الجبال﴾ أي فتتت على صلابتها وعظمها بأدنى إشارة وخلط حجرها بترابها حتى صار شيئاً واحداً، وصارت كالعهن المنفوش، وسيرت وكانت تمر مرّ السحاب ﴿بساً * فكانت﴾ أي بسبب ذلك ﴿هباء﴾ غباراً هو في غاية الانمحاق، وإلى شدة لطافته أشار بصيغة الانفعال فقال: ﴿منبثاً *﴾ أي منتشراً متفرقاً بنفسه من غير حاجة إلى هواء يفرقه فهو كالذي يرى في شعاع الشمس إذا دخل في كوة.
ولما ذكر غاية مبادئها المرجفة المرهبة، ذكر مبادئ غاياتها فقال: ﴿وكنتم﴾ أي قسمتم بما كان في جبلاتكم وطباعكم في الدنيا ﴿أزواجاً ثلاثة *﴾ أي أصنافاً لا تكمل حكمة صنف منها إلا بكونها قسمين: أعلى ودونه، ليكون ذلك أدل على تمام القدرة وهم أصحاب الميمنة المنقسمين إلى سابقين وهم المقربون، وإلى لاحقين وهم


الصفحة التالية
Icon