ولما كان جنان الدنيا قد يكون فيها نكد، أضاف هذه الجنة إلى المراد بهذه الجنان إعلاماً بأنها لا تنفك عنه فقال: ﴿نعيم *﴾ أي ليس فيها غيره بل هي مقصورة عليه ﴿وأما إن كان﴾ أي الميت منهم ﴿من أصحاب اليمين *﴾ أي الذين هم الدرجة الثانية من أصحاب الميمنة ﴿فسلام﴾ أي سلامة ونجاة وأمر وقول دال عليه. ولما كان ما يواجه به الشريف من ذلك أعلى قال: ﴿لك﴾ أي يا أعلى الخلق أو يا أيها المخاطب.
ولما كان من أصاب السلام على وجه من الوجوه فائزاً، فكيف إذا كان مصدراً للسلام ومنبعاً منه قال: ﴿من أصحاب اليمين *﴾ أي أنهم في غاية من السلامة وإظهار السلام، لا يدرك وصفها، وهو تمييز فيه معنى التعجيب، فإن إضافته لم تفده تعريفاً، وفي اللام و ﴿من﴾ مبالغة في ذلك، فالمعنى: فأما هم فعجباً لك وأنت أعلى الناس في كل معنى، وأعرفهم بكل أمر غريب منهم في سلامتهم وسلامهم وتعافيهم وملكهم وشرفهم وعلو مقامهم، وذلك كله إنما أعطوه لأجلك زيادة في شرفك لاتباعهم لدينك، فهو مثل قول القائل حيث قال:

فيا لك من ليل كأن نجومه بكل مقار العمل شدت يذبل
وقول القائل أيضاً حيث قال:
لله در أنو شروان من رجل ما كان أعرفه بالدون والسفل
أي عجباً لك من ليل وعجباً من أنو شروان.


الصفحة التالية
Icon