كان له قد صار نقصاً.
ولما كان في هذا إظهار أخفى الأشياء حتى يصير في غاية الجلاء، أتبعه علم ما هو عند الناس أخفاء ما يكون فقال: ﴿وهو﴾ أي وحده ﴿عليم﴾ أي بالغ العلم ﴿بذات الصدور *﴾ أي ما يصحبها فتخفيه فلا يخرج منها الهمزات على مدى الأيام على كثرة اختلافها وتغيرها وإن خفيت على أصحابها.
ولما قامت الأدلة على تنزيهه سبحانه عن شائبة كل نقص، وإحاطته بكل صفة كمال، المقتضي لثبوت أن الملك له، الموجب قطعاً لتفرده بعموم الإلهية، المقتضي لإرسال من يريده إلى جميع من في ملكه، وختم بالعلم بالضمائر التي أجلها الإيمان، قال آمراً بالإذعان له ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿آمنوا﴾ أي أيها الثقلان ﴿بالله﴾ أي الملك الأعظم الذي لا مثل له ﴿ورسوله﴾ الذي عظمته من عظمته. ولما كان الإيمان أساساً، والإنفاق وجهاً ظاهراً ورأساً، قال جامعاً بين الأساس الحامل الخفي والوجه الظاهر الكامل البهي: ﴿وأنفقوا﴾ أي في إظهار دينه: ورغبهم في ذلك بطلب اليسير مما أعطاهم الله وزهدهم منه بقوله: ﴿مما جعلكم﴾ أي بقدرته ﴿مستخلفين﴾ أي مطلوباً موجوداً خلافتكم ﴿فيه﴾ وهو له دونكم بما يرضي من استخلفكم في تمهيد سبيله فطيبوا بها نفساً لأنها ليست في الحقيقة لكم وإنما أنتم خزان، وخافوا من عزلكم من الخلافة بانتزاعها من أيديكم بتولية غيركم أمرها، إما في حياتكم، وإما


الصفحة التالية
Icon