تعريفاً برحمته الشاملة فقال: ﴿التي تجادلك﴾ أي تبالغ في أن تقبلك إلى مرادها ﴿في زوجها﴾ أي في الأمر المخلص له من ظهاره رحمة لها ﴿وتشتكي﴾ أي تتعمد بتلك المجادلة الشكوى، منتهية ﴿إلى الله﴾ أي الملك العظيم الرحيم الذي أحاط بكل شيء علماً، ولصدقها في شكواها وقطع رجائها في كشف ما بها من غير الله كانت هي والنبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متوقعين أن الله يكشف ضرها ﴿والله﴾ أي والحال أن الذي وسعت رحمته كل شيء لأنه له الأمر كله ﴿يسمع تحاوركما﴾ أي مراجعتكما التي يحور - أي يرجع فيها إلى كل منكما جواب كلامه من الآخر كأنها لثقل ما قدح في أمرها ونزل من ضرها ناشئة عن حيرة.
ولما كان ذلك في غاية ما يكون من خرق العادة بحيث إن الصديقة عائشة رضي الله عنها قالت عند نزول الآية: «الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد كلمت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا في جانب البيت ما أسمع كثيراً مما تقول» أكده تنبيهاً على شدة غرابته ولأنه ربما استبعده من اشتد جهله لعراقته في التقيد بالعادات فقال: ﴿إن الله﴾ أي الذي أحاط بجميع صفات الكمال فلا كفؤ له ﴿سميع بصير *﴾ أي بالغ السمع لكل مسموع، والبصر لكل ما يبصر والعلم لكل ما يصح أن يعلم أزلاً وأبداً، وقد مضى نحو هذا التناسب


الصفحة التالية
Icon