وتر يحب الوتر، والثلاثة أول أوتار العدد، كما كان حافظاً لها في أزل الأزل قال: ﴿ثلاثة﴾ أي في حال من الأحوال ﴿إلا هو رابعهم﴾ أي مصيرهم أربعة، فهو اسم فاعل والمعنى بعلمه وقدرته كما يكون كل من المتناجين عالماً بنجوى البعض، فروح النجوى العلم بالسر.
ولما كان الثلاثة قد يريد أحدهم أن ينفرد بآخر منهم، فيصير الثالث وحده، فإذا كانوا أربعة دام الأنس بينهم ثم لا يكمل إلا بخامس يحفظ الاجتماع إذا عرضت لأحد الاثنين حاجة قال: ﴿ولا خمسة﴾ أي من نجواهم ﴿إلا هو سادسهم﴾ كذلك، فالحاصل أنه ما يكون من وتر إلا كان هو سبحانه شافع وتريته، وأما وتريته هو سبحانه فقد كانت ولا شيء معها أصلاً، وستكون ولا حي معها، فلا وتر في الوجود على الحقيقة غيره.
ولما علم بالتكرير أن ما ذكر على سبيل المثال لا لمعنى يخصه من جهة بالعلم، عم بقوله: ﴿ولا أدنى﴾ فبدأ بالقليل لأنه قبل الكثير وهو أخفى منه ﴿من ذلك﴾ أي الذي ذكر وهو الواحد والاثنان والأربعة الذي بعيد عن رتبته وإن كان قد شرفه سبحانه بإطلاق معيته بعد أن لا نسبة له منها.
ولما كان العلم بالكثير أعسر من أجل انتشاره قال:


الصفحة التالية
Icon